لعنة المومياء الصارخة: الفرعون الذي تحدى الموت بصرخة أبدية
في أعماق مصر القديمة، وسط الرمال التي شهدت قيام وسقوط الحضارات، كان هناك سرٌ رهيب ظل مختبئًا لآلاف السنين. مومياء تختلف عن كل ما عُثر عليه من قبل—وجهها مشدود في صرخة أبدية، فمها مفتوح كما لو أنها ماتت وهي تصرخ من ألم لا يُحتمل. لم تكن هذه مجرد مومياء أخرى تُضاف إلى قائمة الاكتشافات الأثرية، بل كانت بداية لعنة مخيفة قلبت حياة كل من اقترب منها رأسًا على عقب.
فما قصة هذه المومياء؟ ولماذا كانت تختلف عن بقية مومياوات الفراعنة؟ هل هي ضحية عقاب قاسٍ، أم أن هناك سرًا غامضًا يحيط بموتها؟ وهل اللعنة التي طاردت مكتشفيها حقيقية، أم مجرد أوهام غذتها الأساطير؟
الاكتشاف المرعب
في عام 1881، قاد عالم الآثار جاستون ماسبيرو بعثة استكشافية إلى خبيئة الدير البحري في الأقصر، وهو مخبأ سري أخفى فيه الكهنة جثث الفراعنة لحمايتها من اللصوص. وسط التوابيت المزخرفة التي احتضنت رمسيس الثاني وسيتي الأول وأحمس وغيرهم، كانت هناك مومياء لم تكن تشبه أقرانها.
كان الجسد مغطى بجلد متصلب، وملفوفًا بقطع قماش رثة، على عكس المومياوات الملكية التي تُحنط بعناية وتُكفن في لفائف الكتان الفاخرة. لكن الأغرب من ذلك كله، كان تعبير وجهها: رأس مائل إلى الخلف، فم مفتوح على آخره، وكأنها ماتت وهي تصرخ من ألم فظيع أو رعب لا يوصف.
عندما نظر العلماء إليها لأول مرة، انتابهم شعور غريب بعدم الارتياح. البعض وصفها بأنها تبدو وكأنها "محاصرة في لحظة موتها"، بينما شعر آخرون بقشعريرة تسري في أجسادهم عند الاقتراب منها. كان هناك شيء مخيف في هذه المومياء، شيء جعل كل من رآها يتساءل: ما الذي حدث لهذا الشخص قبل موته؟ ولماذا تُرك في هذه الوضعية المرعبة؟
لعنة الفرعون المجهول
عندما بدأت الفحوصات على المومياء، تفاجأ الباحثون بأن صاحبها لم يكن ملكًا أو كاهنًا مشهورًا، بل بدا وكأنه شخص غير مرغوب فيه. لم يكن ملفوفًا بضمادات فاخرة، ولم يكن محنطًا بعناية كغيره من الملوك. كانت أعضاؤه الداخلية مفقودة، ولكن بدون المواد الحافظة التقليدية التي تُستخدم في التحنيط، مما يعني أنه لم يُمنح الطقوس الجنائزية الكاملة التي اعتاد عليها المصريون القدماء.
بدأت الشائعات تنتشر: هل كان هذا الشخص مجرمًا أو خائنًا؟ هل كان أميرًا تورط في مؤامرة ضد الملك، فعوقب بطريقة بشعة؟
إحدى الفرضيات تقول إنه قد يكون الأمير "بنتاور"، ابن الملك رمسيس الثالث، الذي تآمر مع والدته لقتل الفرعون. وفقًا للبرديات القديمة، حوكم بنتاور أمام محكمة مصرية سرية، وأُدين بالخيانة العظمى. يعتقد بعض المؤرخين أنه أُجبر على الانتحار، بينما يرى آخرون أنه تعرض لعقاب قاسٍ، ربما بالدفن حيًا أو بتعذيبه حتى الموت.
وإذا كان هذا صحيحًا، فربما تكون هذه المومياء الصارخة هي جسد الأمير الخائن، الذي مات في عذاب، محاصرًا بلعنته الأبدية.
حوادث غامضة بعد الاكتشاف
ما إن وُجدت هذه المومياء، حتى بدأت الأحداث الغريبة تطارد كل من اقترب منها. العامل الذي فتح التابوت لأول مرة مات بعد أيام من إصابته بحمى مجهولة السبب. أحد علماء الآثار الذين عملوا على دراسة المومياء تعرض لحادث سيارة مميت بعد شهرين من الاكتشاف. بل إن بعض زوار المتحف المصري، حيث نُقلت المومياء لاحقًا، أبلغوا عن شعورهم ببرودة مفاجئة عند الاقتراب منها، فيما قال آخرون إنهم سمعوا همسات خافتة قادمة من التابوت ليلاً.
كانت هذه الأحداث كافية لإعادة إشعال أسطورة "لعنة الفراعنة"، التي تقول إن كل من يزعج راحة الموتى سيعاني عواقب وخيمة.
العلم أم الأسطورة؟
بالرغم من كل هذه القصص، حاول العلماء تقديم تفسير عقلاني لما حدث. قال بعضهم إن وضعية الفم المفتوح ليست إلا نتيجة لتحلل الجسم بعد الموت، حيث تنفك الأربطة التي كانت تثبّت الفك السفلي. أما عن حالات الوفاة الغريبة، فقد تكون مجرد مصادفات مأساوية.
لكن، حتى مع هذه التفسيرات العلمية، ظل الشعور بالخوف يحيط بهذه المومياء. لم يكن الأمر مجرد شكلها المخيف، بل كان هناك شيء غامض بشأنها، شيء جعل حتى أكثر العلماء عقلانية يترددون قبل لمسها.
هل يمكن أن يكون للمومياوات بالفعل تأثير غامض على من يقترب منها؟ أم أن عقول البشر تميل إلى تضخيم الأمور وربط الأحداث الغريبة باللعنات والأساطير؟
المومياء اليوم: بين الحقيقة والخيال
اليوم، تُعرض "المومياء الصارخة" في المتحف المصري، حيث يمكن للزوار مشاهدتها عن قرب. البعض ينظر إليها باعتبارها تحفة أثرية نادرة، بينما يراها آخرون كتجسيد للمعاناة والموت غير الطبيعي في مصر القديمة. لكن مهما كان تفسيرك، هناك شيء واحد مؤكد: هذه المومياء تظل واحدة من أكثر الاكتشافات الأثرية غموضًا ورعبًا على الإطلاق.
وإذا زرت المتحف المصري يومًا، ووقفت أمام هذه المومياء، فربما تشعر بشيء بارد يلامس عنقك، وربما تسمع صوتًا خافتًا يهمس في أذنك… فهل ستجرؤ على التحديق في عينيها طويلًا؟